انهيار الاستهلاك واختفاء المدخرات وارتفاع المديونيات.. يوسف بطرس غالى يرسم خريطة العالم الاقتصادية بعد “كورونا”

أكد يوسف بطرس غالى، وزير المالية المصرى الأسبق والخبير الاقتصادي الدولي، أن ارتفاع المديونية في جميع الوحدات الاقتصادية في المجتمع هي البيئة التي ستواجه العالم فيما بعد أزمة فيروس كورونا المستجد، وذلك بدءًا من الأسرة للشركات والمؤسسات والدول، وأيضًا اختفاء المدخرات بنسبة كبيرة من الشركات والمؤسسات، والأسرة، وانهيار الاستهلاك نتيجة انحصار النشاط الاقتصادي، واستمرار البطالة، إضافة إلى تغير الإطار السياسي في العالم، وتراجع شديد للعولمة، وزيادة نسب الفقر، وتهديد بحركة التجارة العالمية، نتيجة للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وأشار “غالي”، إلى أن صندوق النقد الدولي اقترح خلال تلك الأزمة خلق تريليون حقوق سحب خاص، وهي عبارة عن عملة مختلفة داخل صندوق النقد الدولي قيمتها تتحدد بتوليفة من خمس عملات، هدفها خلق سيولة في العالم، ويتم توزيع تلك الأموال على الدول النايمة، ويتم توزيعها حسب حصة كل دولة في صندوق النقد الدولي، ولكن لم يتم اعتماد القرار بسبب رفض أمريكا إعطاء الصين نسبتها من تلك العملة.
وأكد أن الحرب بين الصين والولايات المتحدث ليست حرب تجارية، فهي حرب من الولايات المتحدة على الصين، وذلك لأن الولايات المتحدة بدأت في فقد الصدارة في العديد من المجالات، كالذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الاتصالات، وذلك نتيجة لتقدم الصين عن بقية الشركات.
وأضاف أنه يجب على الدول النامية أن تبدأ في صياغة سياستها الاقتصادية الداخلية والخارجية، لكي تكون قادرة على تحمل تلك الأزمات المتوقعة، وتحمل الصدمات، والمناعة ضد التدفقات النقدية الخاطئة المتوقعة، مشيرًا إلى أنه للخروج من تلك الأزمة يجب البدء في زيادة الإنفاق العام بأكبر قدر ممكن، وتخفيض تكلفة التمويل وأسعار الفائدة بأقصى قدر، وزيادة القدر التنافسية في الدولة، وإعادة تأهيل العمالة، وتطوير الأجهزة البيروقراطية في الدولة، وتطوير البنية التحتية، لزيادة كفاءة الأجهزة الإنتاجي، وزيادة قدرته على التنافس.
وأشار “غالي”، إلى أن تلك الحلول لها أعراض جانبية يجب وضعها في الاعتبار، الزيادة في الإنفاق ستؤدي إلى زيادة الدين العام، مشيرًا إلى أن الدين الداخلي أقل خطورة من الدين الخارجي، وبالتالي يمكن التعامل معه، وفي الدول النامية القدرة على النمو أعلى بكثير من الدول المتقدمة، فمصر وصل معدل النمو بها إلى 7.5%.
وأكد أن مديونية الدولة تختلف عن مديونية الفرد أو الشركة، والدولة قادرة على توليد الموارد اللازمة لتسديد تلك المديونيات الداخلية، مشيرًا إلى أن الفترة الحالية هي فترة ركود، نتيجة قلة الطلب، ومن الممكن أن نتحمل جزء من الضغوط التضخمية الناتجة عن زيادة الدين، مشيرًا إلى أنه يجب زيادة القدرة التنافسية للدول من خلال وضع برامج تأهيل العمالة، للتقليل من نسبة البطالة المزمنة، مؤكدًا أن تخفيض سعر الفائدة، سيؤدي إلى تحريك سعر الصرف، وبالتالي زيادة التنافسية في قطاع التصدير.
جاء ذلك خلال حديثه في ثاني حلقات جلسات “اقتصاد مختلف في عالم مختلف”، التي نظمتها الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية، اليوم الأحد، تحت رعاية وحضور أحمد الوكيل، رئيس الغرفة، عبر تطبيق zoom، وأدارت الندوة الدكتورة سارة الجزار، المستشار الاقتصادي للغرفة، وذلك لمناقشة تداعيات أزمة فيروس كورونا، ومستقبل الاقتصاد ما بعد كورونا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق