عـادل عطيـة
لماذا يستمتع الأطفال باللعب بالكبريت؟!
لماذا نطلب، نحن الكبار، المساعدة، قائلين: "ولّع لي"؛ فتصير السيجارة ناراً آكلة لممارسة المتعة على الشفاه؟!
لماذا نردد في كثير من أغانينا، مثل هذه الكلمات المشتعلة لهيباً: "نار يا حبيبي نار"، و "النار، النار، النار، أنا قلبي قايد نار"؟!
ولماذا ما تزال من أقوال كلمات الانتقام، التي يرددها أهل الصعيد في مصر، قولهم: "الله يُقيد أمواتك"؟!
لماذا هذا الإصرار الكبريتي، على اقامة جحيم أرضي بنار مستعرة في حروب لا تهدأ بين الإنسان وأخيه الإنسان؟!
ولماذا ـ رغم علمنا بأن الله أوجد الجحيم أساساً؛ ليكون مستقراً للشيطان، ولزمرته المردة ـ، ما يزال الإنسان يتسابق للحصول على المراكز الأولى في مقاعد النار، بل ويحاول جاهداً، انتزاع كرسي عذاب الشيطان؛ ليكون هو المُعذّب الأول؟!
تصور واحد فقط في مخيلتي، يحاول أن يجد إجابة مقبولة على هذه التساؤلات، ان الإنسان المخلوق من التراب، يحسد الملائكة المخلوقين من نار، وهو يريد أن يكون في النار؛ ليعيش كالملائكة. ولكن أي عقل هذا، الذي يصور لنا، أن اللعب بالنار؛ يجعلنا من الملائكة؟!...
(2) ألماس وماس!
أوجد الله لنا "الماس، كحجر كريم" للثروة!
أما نحن، فصنعنا "الماس الكهربائي"، للقضاء عليها!
وكما أن علماء الرياضيات، كشفوا لنا عن "المُعيّن"، كأحد الأشكال الهندسية، اكتشفنا نحن حالات أخرى للمُعيّن، ونحن نشاهد النار الموقدة، وهي تنطلق من نفوس "معيّنة"، وفي مواسم "معيّنة"، وفي مبانٍ "معيّنة"، وتؤدي إلى خسائر مادية وبشرية، تكفي لحرق الدم، وتجعل الناس "تولّع" من الغيظ!
فهل يأتي اليوم الذي تنقرض فيه هذه الظاهرة الجهنمية، المسماة: "الماس الكهربائي"، وتحتفل الأجيال القادمة باليوبيل "الماسي" للقضاء على ذلك الذي يشعل الحرائق، والقلوب معاً؟!...
(3) حرائق خاصة جداً!
منذ اكتشف الإنسان النار، وهو لايزال دائم الخوف من أخطارها، متوجساً، حذراً، مع أنه وجد فيها الدفء والنور، وفوائد أخرى عديدة. يبدو أن ذلك يرجع إلى أن الشرارة الأولى، التي ساعدته في اكتشافها، لا تزال تنقل إلى ذهنه، قساوة احتكاك الصخور الصلبة!
وقد شهد التاريخ حرائق مدمرة، ابتلعت مدناً وحضارات، وتركت وراءها خراباً، وموتاً، وفزعاً لا نظير له، من هذه خمسة حرائق، تعتبر من أشهر حرائق العالم: حريق مكتبة الإسكندرية، حريق روما، حريق لندن، حريق بغداد، حريق سان فرانسيسكو!
ولكن هناك حرائق خاصة جداً، تصيب الإنسان في شخصه، وذاته. بعضها من صنعه، كحرق السكر والدهون في الجسم، وبعضها بيد عمرو لا بيدي، كحرق القلب، وحرق الدم.
ومع أن حرائق القلب والدم، آلمة ومؤلمة، فلا يزال يخرج علينا أحد المحسوبين على الطرب الشعبي، قافزاً متنططاً، من نشوة الفرح والسعادة، وهو يغني: "النار، النار، النار، قلبي قايد نار"!...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق