بقلم د. مجدي إسكندر
الخوف هبة من الله أنعمها علينا وهي شعور فطري ينبه المرء من وجود خطر ما يهدد الجسم، حتى يحترس منه، وتزداد درجة الخوف حسب شدة الخطر المحدق بالإنسان. من الطبيعي أن يخاف الإنسان، فهي حالة شعورية إيجابية، إذ أنه عند الشعور بالخوف تطرأ تغيرات فيسيولوجية داخلية من شأنها أن تساعد الإنسان في التعامل مع الخطر إما بالمواجهة أو الهروب.
وقد قيل "لو أن الفأر لم يخف لما استطاع العيش" يعني سيذهب فريسة سهلة للقط إن لم يخف منه.
لكن الخوف عندما يتجاوز حدوده ويصير من الصعب التحكم به يصبح خوفاً مرضياً، أي أنه يصير خوفاً لاعقلاني وزائدًا عندما يواجه الشخص بشيء أو نشاط أو موقف عام، وغالباً ما يكون المصاب به على علم بأن خوفه غير طبيعي، لكن لا يستطيع السيطرة عليه.
ويسبب الخوف كثيراً من الأمراض النفسية وكذلك العضوية، ويدخل صاحبها في حالة من القلق والإضطراب، وتكون علامات الخوف جد بادية عليه كالتصبب عرقاً، التنفس بصعوبة، الشعور بالإختناق، ضعف مفاجئ في اليدين والساقين، الإرتجاف والقشعريرة، توتر عضلي وعصبي، الشعور بشئ يقف فى حلقه، وتؤدي أيضاً إلى عرقلة وظائف العقل الطبيعية كالقدرة على التركيز والتفكير والتذكر، مما قد يؤدي إلى تدمير جميع نواحي حياته، كالقدرة على العمل وإقامة علاقات إجتماعية وتحقيق أحلامه، وتجد صاحبها جد منعزل ويعاني الكثيرمن العقد النفسية.
هناك العديد من أنواع الخوف، ويختلف نوع الخوف من شخص لآخر، أشهرها الأجورافوبيا وتعني الخوف من التواجد في مكان عام، الأكروفوبيا وهي الخوف من المرتفعات، والكلوستروفوبيا الخوف من الأماكن المغلقة، بالإضافة إلى الخوف من الإمتحان، الخوف من الرئيس في الشغل، الخوف من الخروج فى الشارع، وتتفشى أيضا ظاهرة الخوف من الجنس الاخر، والخوف من الحيوانات، الخوف من الظلام وغيرها من أنواع الفوبيا.
ويرتبط الخوف غالباً بموقف حدث في الماضي في مرحلة الطفولة مثلاً مما يؤدي إلى برمجة ذاتنا برمجة سلبية بدون أن نعي ذلك.
إن أفضل وسيلة لعلاج الخوف المرضي هو المواجهة، وذلك بأن تضع نفسك في الموقف الذي يشعرك بالخوف المرضي، فمثلا لنفترض أنك تخاف من الظلام، ضع نفسك في مكان مظلم يشعرك بالخوف وحاول تتمالك نفسك بدل أن تستسلم للخوف وتنفس ببطئ، إذا بدأت تشعر بالتحسن إنتقل إلى مكان أكثر ظلاماً وحاول تكرار نفس الخطوات، خصص كل يوم وقتاً تقوم فيه بهذه العملية لأنه كلما كررت هذه العملية، كلما قل خوفك حتى يختفي كلياً في النهاية.
وهذه قصة قد قرأتها عن ملك يروى بأنه سافر عن طريق البحر وأخد معه غلامه الذي لم يسبق له أن رأى البحر، فشعر بالخوف حين الإبحار بسبب منظر الأمواج المتلاطمة، لدرجة أنه أغمي عليه، فذهب الملك به إلى أحد الحكماء الذي أمر برميه في البحر فرموه وأخذ الفتى يسبح بصعوبة وهو على وشك الغرق، إلى أن أمر الحكيم بسحبه، وهكذا تخلص تماماً من خوفه.
لا تدعو الخوف يسيطر على حياتك، بل سيطر على خوفك بإرادتك الصلبة وتحدياتك المستمرة له.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق