"زاوية ٢٣,٥"

 


لمن لا يعرف طريقة تعتيق النبيذ بطريقة جيدة أنه لابد أن يُحفظ في زجاجات داكنة اللون مُحكمة الإغلاق بغِطاء من الفلين في درجة حرارة أقل من ١٤ درجة مئوية ..

فضلاً على أن الزجاجات ذات السعة الأكبر تعطي نتائج مزهلة ..
عوضاً عن أن البراميل الخشبية في التعتيق تكون أفضل من الزجاجية لأمتصاص الشوائب وأمكانية فصل الشوائب عن النبيذ فيما بعد ..
ولضمان نتائج مبهرة لابد أن تُرص الزجاجات في زاوية مائلة بدرجة ٢٣,٥ درجة وتثبت بقواعد على هذا الميل مدة طويلة فلا هي تسطحت بزاوية ١٨٠ درجة ولا أستقامت بزاوية حادة تعادل ٩٠ درجة ..
ولأن لنا في تأمل الأشياء حياة فحين تأملت طريقة تعتيق النبيذ وجدت ان العلاقات الإنسانية مثلها تماماً ..
لكي تدوم حلاوتها لابد ان نخفيها بين طيات أرواحنا في أعمق بقعة من حجيرات القلب وأحلكها فبعض العلاقات إن ظهرت أفسدتها الأعين والأحاديث و دس المغرضين تفاحة الحب المسمومة في تلك العلاقة بالقيل والقال ..
كما يجب ان يكون الحب مُحكم الإغلاق بذاك الفلتر الذي يسمح فقط بتسريب الضار من الصفات الغير مرغوبة التي إن بَقِيت طويلاً غيَرت خصائص الحب الكيميائية كما لو زادت خصائص النبيذ من حمضية إلى قلوية فتحول خلاً ..
كما يجب ان يكون قلبك بصفات خشبية تمتص الشوائب وترسبها في قاعك فلا تعود تعكر صفو المحبة.
ولا يكن ابداً قلبك ذات طبيعة زجاحية هشة قابلة للكسر لا تمتص الصدمات وصدمات الحب ما أكثرها ...
كما يجب ان يكن قلبك ذا سعة كبيرة يسع الكثير من المحبة كما يسع الكثير من الغفران بنفس المكاييل والموازين
وإن كُنت ذات قدرة مقاومة عالية كيٌلت الغفران بمكيالين مماثلين لكيل المحبة ...
أما وقد أتينا إلى الزاوية ٢٣,٥ وهي مفتاح صول لكتابة هذا المقال فهي الزاوية الحساسة الضيقة ورمانة الميزان فوحدك بيدك ان تميل هذا الَميل المحسوب والمدروس جيداً ..
بتلك الزاوية الصعبة ..
ويكون لديك آله مثل ذاك الميزان المائى فائق الدقة ليظبط وضعيتك ..
فلا تميل كل الميل فيتسطح الحب ..
ولا تستقم كل الاستقامة فتترفع مظهراً قسوة وعدم أهتمام ..
ولكن تميل برفق و لين هذا الميل الهادئ في ظاهره،
العنيف في ثباته،
المغري في انحنائاته،
المثالي في قياساته،
المنتج حلاوة النبيذ في علاقة الحب،
حتي لا يأتي يوم تعاني فقط مما فعله عشاق النبيذ بالعنب ولا ينثني لك أن تتذوق حلاوته !!




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق