تعرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لانتقادات حادة بسبب تعليقه المساهمة المالية التي تقدمها الولايات المتحدة إلى منظمة الصحة العالمية.


ووصف مؤسس مايكروسوفت بيل غيتس، أحد أبرز مموّلي المنظمة، خطوة ترامب بأنها "بخطورة ما تبدو عليه".
وقال ترامب الثلاثاء إنّ المنظمة "أخفقت في واجبها الأساسي" في استجابتها لتفشي وباء كورونا.
لكن مدير عام المنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس قال إنّ وقف تفشي الوباء كان "محطّ تركيز" المنظمة. وأضاف في تغريدة على تويتر: "ليس لدينا وقت لنضيّعه".
وقال أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنّ "هذا ليس الوقت" لقطع الموارد عن منظمة الصحة العالمية، معتبراً أن القرار جاء في توقيت حرج في ظلّ الجهود العالمية لمحاربة انتشار كوفيد - 19.
وكان ترامب قد اتهم المنظمة بـ"ارتكاب أخطاء قاتلة، والثقة المفرطة" بالصين.
وقال ترامب في مؤتمر صحفي الثلاثاء: "أعطيت التوجيهات لإدارتي لتعليق التمويل كما نعكف على مراجعة دور المنظمة في سوء الإدارة الشديد والتعتيم على تفشي فيروس كورونا".


وجاء في البيان: "الشعب الأمريكي يستحقّ الأفضل من منظمة الصحة العالمية، ولن نوفر المزيد من التمويل لها، حتى إجراء تحقيق حول سوء الإدارة، والتعتيم، والفشل".
ويواجه ترامب انتقادات داخلية في الولايات المتحدة لتعامله مع تفشي الوباء. ويرد الرئيس الأمريكي بالإشارة إلى قراره في نهاية كانون الثاني/يناير الماضي، بوضع قيود على السفر من الصين.
وقال إن منظمة الصحّة العالمية "انتقدت" قراره آنذاك، في إشارة إلى نصائح صدرت عن المنظمة حينها دعت إلى عدم فرض قيود على السفر.
وقدمت الولايات المتحدة 400 مليون دولار العام الماضي للمنظمة، وهي بذلك من أكبر الممولين.
وتعد مؤسسة "بيل ومليندا غيتس" الخيرية، التي تموّل أبحاثاً حول علاج ولقاح كوفيد - 19، ثاني أكبر مموّل للمنظّمة.
وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن بلاده لا "تخطّط" لوقف مساهمتها في تمويل المنظمة.
كما غرّد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس قائلاً إنّ تمويل المنظمة التي تعاني من "شحّ في الإمدادات" من أفضل الاستثمارات في الوقت الراهن.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية زهاو ليجيان إن القرار الأمريكي "سيقوّض التعاون الدولي" في مكافحة الفيروس.
ويرى جوزيب بوريل، مفوض الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية، أنه لا يوجد مبرر للخطوة لأن الحاجة للمنظمة أكبر من أي وقت مضى.
وقالت الجمعية الطبيّة الأمريكية إن القرار "خطر وخطوة في الجهة الخاطئة".
وفي المقابل، دعم السيناتور الجمهوري جوش هاولي موقف ترامب، قائلا إن قرار الرئيس "صحيح تماماً".
وأشارت رئيسة الحكومة النيوزلندية جاسيندا أرديرن إلى أنّ المنظمة "قدمت نصائح يمكن الاعتماد عليها".
وأعرب رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون عن تفهّمه لقرار ترامب، لكنه أشار إلى أنّ "المنظّمة تقوم أيضاً بعمل مهمّ".

ما هي حجّة ترامب؟

شهدت الولايات المتحدة، وبفارق كبير، أعلى نسبة من الوفيات بسبب تفشي كورونا في العالم، إذ سجلت أكثر من 600 ألف إصابة، وحوالي 26 الف حالة وفاة.
ويتهم ترامب منظّمة الصحة العالمية بأنها فشلت في تقييم انتشار الوباء منذ ظهوره لأول مرة في مدينة ووهان الصينية.
وقال ترامب: "لو قامت منظمة الصحة العالمية بعملها وأرسلت خبراء طبيين إلى الصين لتقييم الوضع على الأرض بموضوعية وكشفت للعالم عن عدم شفافية الصين، لتسنى احتواء تفشي المرض في موطنه مع القليل جداً من الوفيات".







وأضاف: "كان من الممكن أن ينقذ هذا الآلاف من الأرواح ويمنع الأضرار الاقتصادية في جميع أنحاء العالم. لكن بدلاً من ذلك، تبنت منظمة الصحة العالمية ما تقوله الصين من تطمينات، ودافعت عن ممارسات الحكومة الصينية".
منظمة الصحة العالمية في سطور
  • تأسست في عام 1948 ومقرها في جنيف، سويسرا، وهي وكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن الصحة العامة العالمية
  • تضم 194 دولة، وتهدف إلى "تعزيز الصحة"، والحفاظ على سلامة العالم وخدمة الضعفاء"
  • تشارك في حملات التطعيم والطوارئ الصحية ودعم البلدان في مجال الرعاية الأولية
  • ممولة بواسطة مزيج من اشتراكات الأعضاء على أساس الثروة والسكان والمساهمات الطوعية
  • قدمت الولايات المتحدة 15 بالمئة من ميزانيتها لعام 2018-2019 بمبلغ قدره 450 مليون دولار
  • قدمت الصين حوالي 86 مليون دولار في عام 2018-2019



Presentational grey line

وفي بداية تفشي فيروس كورونا، تستّر مسؤولون صينيّون على انتشار الوباء في ووهان، وعاقبوا من حاولوا دقّ ناقوس الخطر.
ولاحقاً فرضت بكين قيوداً صارمة، بما في ذلك الحجر الصحّي على نطاق غير مسبوق، ما جعلها تنال ثناء منظمة الصحة العالمية وأمينها العام.
ولم يسمح لخبراء منظمة الصحّة بزيارة الصين للتحقيق في تفشي الوباء حتى 10 شباط / فبراير الماضي، حين بلغ عدد الحالات في البلد أكثر من 40 ألفاً.
وأشار مراسلون صحافيون في البيت الأبيض، إلى أنّ ترامب أشاد، في أول الأمر، بردّ الفعل الصيني على الوباء، وقلّل من شأن خطر الفيروس في بلاده.
لماذا تواجه منظمة الصحّة العالمية انتقادات؟
هذه ليست المرّة الأولى التي تواجه فيها منظمة الصحة العالمي" انتقادات منذ تفشّي وباء كورونا.
ففي 14 كانون الثاني/ يناير، غرّدت المنظّمة قائلة إنّ التحقيقات الصينية لم تظهر "دليلاً واضحاً على انتقال الفيروس الجديد من إنسان لآخر".
واستخدم ترامب وآخرون هذه التغريدة لمهاجمة المنظّمة لتصديقها الصين ببساطة، بالرغم من وجود أدلّة عكس ذلك. لكن بعد تلك التغريدة بأسبوع، أصدرت المنظمة بياناً رسمياً، أعلنت فيه انتقال الفيروس من إنسان لآخر في ووهان.
وفي نهاية يناير /كانون الثاني، وفي اليوم ذاته الذي أعلنت فيه الطوارئ الصحيّة، قالت المنظمة إن فرض قيود على السفر ليس ضرورياً لوقف العدوى، وهي نصيحة تجاهلتها معظم الدول، من بينها الولايات المتحدة.
وفي آذار/مارس، اتُهمت المنظمة الدولية بأنّها متأثرة بموقف الصين بصورة مبالغ فيها، بعدما رفض مسؤول رفيع فيها مناقشة خطوات تايوان للسيطرة على الوباء.