المرأة ..لغز حير الكثيرين!!



دكتورة روزالين فهيم تكتب :

عانت المرأة منذ فجر التاريخ الكثير من الظلم .فقد كان وأد البنات أحياء سمة منتشرة في العصور الجاهلية. كما كان تعليم البنات من أصعب القضايا التي تواجه دول العالم الثالث ومازالت إلى اليوم. لقد نالت المرأة حق  الانتخاب والتصويت لأول مرة تاريخيا عام 1920 في الولايات المتحدة الأمريكية أي منذ قرابة المائة عام فقط. و مازال هناك الكثير من التحديات التي تواجهها عالميا كقلة الأجور عن الرجال ، أو محليا كزواج القاصرات و الختان و التحرش و ارتفاع أعداد المطلقات و تعدد الزواج و القائمة لا تنتهي.

إن كل هذه الظواهر تنبت من نفس الشجرة ,الثقافة الكامنة في اللاوعي الجمعي بفساد جنس المرأة و انها مكمن الخطيئة للبشرية  لذلك وجب وأدها و ختانها و تزويجها مبكرا و قهرها بزوجة أخرى و أحيانا ضربها و اهانتها. هذا إلى جانب حتمية جهلها حتى لا تكون عقلا مفكرا يجلس جوار الرجل و يحاوره أو بدعوى عدم جدوى هذا لأن رسالتها في امتاع زوجها و تربية أطفالها رسالة أسمى بكثير. ستجد الكثير من التبريرات في هذا الشأن. إن حتى ضحايا التحرش من الإناث يتم  إلقاء اللوم عليهن و كأنهن السبب في هذه الحوادث. امتدت هذه النظرة بالشك لتنال النساء بعد زواجهن ايضا أو حتى بعد طلاقهن. فلم تسلم النساء في بلدنا ولا من التنمر ولا من الشك ولا حتى من الاتهام.

إن حتى القانون في بعض البلدان يمنح حكما مخففا للرجل الذي يقتل زوجته عند تلبسها بالخيانة وتحكم على المرأة بأقصى العقوبة عند ثبوت ذات الجريمة على زوجها. و يختلف هذا كثيرا جملة و تفصيلا في الدول المتقدمة. ففي وصف ذات الفعل الشائن لا يختلف الفعل و العقوبة كونه ذكرا او انثى. فالخطيئة لا ترتبط بالنوع في تطبيق القانون بل بالفعل.

يفسر بعض علماء علم الاجتماع لما يحدث في دول العالم الثالث من التدين الظاهري و الذي يقابله أعلى نسبة تحرش عالميا و الأعلى  أيضا في البحث عن الأفلام إباحية على محركات البحث لهو في كثير من الأحيان يرجعوه إلى موروثات من القمع و الكبت أدت الى اعتبار الأنثى في هذه المجتمعات اّلات متعة و فحشاء وجب سترها والالتجاء الى ذكر قوي ليكمل مسيرة الأب في السمع و الطاعة و الذي ترسخه  معظم الافلام و المسلسلات حاليا. و هنا انقسمت النساء في رد الفعل الى اثنين :القسم الاول وافق على هذا الاستبداد ووجد نفسه يقوم بتصرفات تمليها عليه الأغلبية المتصرفة المجتمعية نتيجة العرف السائد و قسم اخر تمرد على هذا القمع و غلبه لكنه تمادى في اثبات حريته حتى انها ضاعت منه بتصرفات خاطئة.

لابد ان نراجع بعض الحقائق هنا:

أولا لقد خلق الله حواء من ضلع آدم و لم يخلقها لا من رأسه ولا من قدمه لكي تكون نظيره تسير شريكا له و ليس تابعا ولا رئيسا. و اكتفى الله بخلق آدم واحد وحواء واحدة و مع ان الأرض كانت خاوية و تحتاج إلى نسل كثير و لكن اكتفى الله بخلق رجل واحد لامرأة واحدة ليدعم أساس الشريك  في الحياة لعظيم و أهمية هذه الشراكة.

ثانيا اختلاف تكوين الذكر و الأنثى بيولوجيا لا يجعل نوع يتفوق على نوع .فهذا الاختلاف هوما يبقي الجنس البشري مستمرا و يحميه من الانقراض. فلا يفترض أن ينظر إلى جنس أنه أضعف من الاّخر أو بمحدوديته. قارن هذه النظرة بين دول العالم الثالث و دول العالم الاول.

ثالثا الاختلاف النفسي بين  طبيعة الأثنين يجعل الرجل أكثر تخصصا في عمل واحد ويجعل المرأة تهتم بأمور كثيرة في نفس الوقت. يحفز الرجل للصورة الكبرى و يجعلها هي تهتم بالتفاصيل .و هذا الاختلاف يوضح عظمة الخالق في خلقه اذ اراد ان يتكامل الأثنان نحو مجتمع افضل وليس فقط نحو اسرة افضل. اذ يتكامل فكر الرجل و فكر المرأة لبناء مجتمع اكثر جودة.

اذن لماذا ينظر البعض على أن الخطيئة امرأة و قد يتمادى البعض و يرددون ان الخيانة امرأة؟

من أشهر أخطاء التفكير التي يقوم بها عقل الانسان بدون وعي هي خطأ التعميم فيقوم بتعميم خبراته السيئة او خبرات من حوله فيعممها على العالم اجمع.

 و حتى تصل الى نتيجة سليمة لأي استنتاج اسأل نفسك هل تحدثت مع كل رجل على كوكب الارض مع العلم ان سكان الارض الان حوالي ثمان مليارات نسمة لتكتشف أن كل النساء خائنات؟ هل لم ترى زوجة صديقة رجلها داعمة له طوال حياتك؟ هل سافرت كل بلدان العالم بجميع ثقافاته ووجدت أن النساء في كل المجتمعات متطابقات؟ بالطبع ستكون الاجابة لا.

إن كل خيانة تحتاج إلى طرفان رجل و امرأة  فلماذا تنظر الى خيانة المرأة او الزوجة ولا تنظر الى إثم الرجل شريكها؟ إنه الكيل بمكيالين .لقد تعودت المجتمعات  في بلدان العالم الثالث أن تحمل الآثم للمرأة فقط و تبيحه للرجل فلا  تذكره حتى!!!

اما عن أسباب الخيانة و مع إنها تبدو كثيرة لكن السبب المنطقي الأوحد هو فساد الجنس البشري و سقوطه في الخطيئة منذ أيام آدم و حواء وتتوارثها الاجيال. لكن ليس معنى  وجود هذا  الفساد ,هو فساد كل خليقة الله لأن مازال هناك أخيار و رجال و نساء شرفاء منذ قديم الأزل و إلى يوم القيامة .اذكر من النساء العفيفات السيدة العذراء مريم و التي جاءت سورة كاملة باسمها لأن الله  اصطفاها ووجدها نقية .و في كل زمان ستجد نساء يتقين الله و يسبحن بحمده. كما ستجد رجالا شرفاء يسعون للأخلاق الحميدة. فالشرف للرجل و المرأة  كلاهما و الخيانة للرجل و المرأة ايضا كلاهما.

كثير من الرجال أو النساء يفضلون طريق الخيانة عن الطلاق لسيطرة العرف على نبذ الأشخاص في هذه الحالة  و هو ما يعتبر خطأ جسيم.

اما عن ازياد حالات الطلاق  في  لتصل الى أربعين بالمائة من الزيجات و ازدياد قضايا محاكم الاسرة لتصبح مليون قضية سنويا في بلدنا طبقا لأخر الإحصاءات فله أسباب عدة اذكر منها على سبيل المثال لا الحصر التسرع في اختيار شريك الحياة, ضياع هدف الزواج الاّساسي فلم يصبح شراكة بعد  الاّن عند كثير من الشباب ,تسرع الشباب في الزواج بدافع وأد الفتنة والتخلص من الضغط الأسري و الكبت و الاعتماد على مقاييس الجمال و المال عند الاختيار عدم اظهار حقيقة كل انسان و شخصيته الحقيقية و الدخول في مسبقات للتمويه و التمثيل و إعماء البصيرة عن العيوب بدعوى التغيير بعد الزواج.....و العديد و العديد من الأسباب.

و أخيرا لقد حان الوقت لتجديد الاذهان و خروج المعتقدات المسيئة التي تؤدي لمزيد من الفساد و الكيل بمكيال الحقيقة لكل فعل و ليس حسب العرف .فعلى كل طرف أن يتحمل نتيجة أخطائه سواء كان رجل أو امرأة. فالعدل اساس الملك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق