في كنيسة "شهداء الإيمان والوطن"، في قرية العور في مركز سمالوط شمال محافظة المنيا، يرقد شهداء مذبحة ليبيا، الذين وصلت جثمانيهم إلى مصر في يوم 14 مايو لعام 2018، في الكنيسة التي بنيت بأمر من الرئيس عبدالفتاح السيسي، بقرية العور مسقط رأس 13 من "شهداء المذبحة"، بعد أن كان البابا ، أعلن إدراج أسماء الـ21 إلى السنكسار القبطي، الذي يحوي سير شهداء المسيحية على مر العصور.
"رسالة موقعة بالدماء إلى أمة الصليب"، جملة إعلانية مكتوبة بطريقة هيلوودية تداولت عبر حسابات تابعة لأنصار تنظيم "داعش"، قبل أعوام، الجملة المنسوبة لكيان يطلق على نفسه "مؤسسة الحياة"، اقترنت بصورة للبحر، وهو مختلط بالدماء لتنذر بعملية إرهابية "داعشية" جديدة، لم ننتظر كثيرا حتى نشر مقطع مصور يحمل تفاصيلها.
"بحر وملثمون يسوقون شهداء ودماء تختلط بالماء"، ملخص لفيديو مدته نحو 5 دقائق، لكنه غني بـ"الرعب"، يغلب عليه الدم، وتشهد فيه التفاصيل على "بشاعة" الإرهاب، 20 مصريا وأفريقيا يذبحون على يد إرهابي "داعش" بتهمة "المسيحية" على إحدى السواحل الليبيبة، والصوت في الخلفية يقول "إيها الصليبيون إن الأمان لكم أماني".
"ميلاد مكين، أبانوب عياد، ماجد سليمان، يوسف شكري، كيرلس شكري، بيشوي أسطفانوس، صموئيل أسطفانوس، ملاك إبراهيم، تواضروس يوسف، جرجس ميلاد، مينا فايز، هاني عبدالمسيح، بيشوي عادل، صموئيل ألهم، عزت بشرى، لوقا نجاتي ، جابر مني، عصام بدار، ملاك فرج، سامح صلاح، وعامل إفريقى يدعى ماثيو إياريجيا"، ظهروا بعد اختطافهم على مرحلتين وهم ينحرون.
تعود قصة الأبطال الـ21، لنهايات عام 2013، حين أعلن تنظيم "داعش" في ليبيا، خطف 7 عمال مصريين أقباط في مدينة سرت، وبعدها اختطف 14 آخرين في مطلع يناير 2015 من منازلهم، العمال الذين ذهبوا بحثا عن فرصة عمل ربحوا فرصة الاستشهاد فلم يفوتوها واعترفوا بإيمانهم حتى الموت، فتحولوا من عمال بسطاء لشهداء عظماء في كنائسهم.
تحالف دولي للتدخل في ليبيا
ذهبت أرواح الشهداء لباريها، واتشحت مصر بالسواد، ودعا الرئيس عبدالفتاح السيسي فورا لاستصدار قرارا من الأمم المتحدة يمنح تفويضا لتشكيل تحالف دولي للتدخل في ليبيا، قصفت بعدها الطائرات المصرية أهدافا لتنظيم "داعش" بعد موافقة الحكومة الليبية.
"إنه ما من خيار آخر في ضوء موافقة شعب ليبيا وحكومتها ودعوتهما لمصر بالتحرك"، كلمات الرئيس السيسي عقب رده السريع بمقاتلات من طراز "إف 16" فجر يوم 16 فبراير.
وقال المتحدث باسم الجيش المصري العميد محمد سمير آنذاك: "قامت قواتكم المسلحة بتوجيه ضربة جوية مركزة ضد معسكرات ومناطق تمركز وتدريب ومخازن أسلحة وذخائر تنظيم داعش الإرهابي بالأراضي الليبية، وحققت الضربة أهدافها بدقة، وعاد نسور قواتنا الجوية إلى قواعدهم سالمين بحمد الله"، مؤكدا أن "الثأر للدماء المصرية والقصاص من القتلة والمجرمين حق علينا واجب النفاذ، وليعلم القاصي والداني أن للمصريين درعًا يحمى ويصون أمن البلاد وسيفًا يبتر الإرهاب والتطرف".
مر عامين من الصمت، وذوي الشهداء في ترقب وانتظار، وهم لا يعرفون أين يرقد ذويهم، حتى جاء البيان على لسان النيابة العامة الليبية في سبتمبر لعام 2017 بعد اعتقال منفذ ومصور الواقعة، وحدد المكان، ليعود لهم الأمل أخرى، ووجدت الجثامين مكبلة الأيادي ومقطوعة الرأس وبالزي البرتقالي، ليأتي دور الدولة المصرية في نقلهم إلى بلدهم.
وصول جثامين الشهداء لمصر
فورا أعلنت وزارة الخارجية المصرية، نقل الرفات بطائرة مصرية بالتنسيق مع السلطات الليبية، ووصلت الجثامين مطار القاهرة، في العاشرة مساء يوم 14 مايو 2018