اوليفر يكتب :
- القديس حبيب جرجس نوع خاص من القديسين.ليس شهيداً و لا رجل معجزات.إنما تبلورت قداسته فى محبة عميقة لإصلاح حال الكنيسة.و الإسهام فى الإصلاح بقدر طاقته.وضع البذرة فأثمرت.هو أول قديس تنويرى فى العصر الحديث.بل يمكننا أن نقول أن القديس حبيب جرجس هو أب الإصلاح فى زمانه.
-الإصلاح كلمة ثقيلة على غير المستنيرين يناقضون أنفسهم حين يلقبون أنبا كيرلس الرابع بأب الإصلاح بينما يعتبرون كلمة الإصلاح جريمة.ينتفضون ضد من ينادى بها. يعتبرون التمسك بما هم فيه يساوى التمسك بالعقيدة.الإيمان ثابت لكن أحوال الكنيسة فى كل عصر تحتاج إلى إصلاح.هذا ما رآه القديس حبيب جرجس.حين إلتهب قلبه برؤية شاملة لإصلاح أحوال الكنيسة كتب أفكاره فى كتاب بعنوان: الوسائل العملية للإصلاحات القبطية.كانت سيرة أنبا كيرلس الرابع الذى لقب بأب الإصلاح و سبقه بثمانون عاماً نموذجاً مطمئناً أن الدعوة للإصلاح ليست تفتيت للكنيسة بل بنياناً لها.ما رآه القديس حبيب هو مثال إنجيلى لما يجب أن يكون الشاغل الأول فى قلب كل خادم من صغيرهم إلى كبيرهم.
- كتب فى مقدمة كتابه أن روحه طافت الكنيسة كلها فى مصر و السودان و أثيوبيا و إريتريا.رأى أحوالها و عاين مشاكلها.و سواء كانت هذه مقدمة أدبية لكتابه أو رؤية حقيقية لكنها تعكس ضرورة أن تكون آماله فى الإصلاح عن معرفة و وسائل الإصلاح عملية تتناسب مع واقع أحوال الكنيسة.كما أن رؤيته أن الكنيسة القبطية ليست مصرية فحسب بل ممتدة عبر إفريقيا تعكس سعة الأفق و فكر وحدة الكنائس مع تصحيح متواصل يحفظ دور الكنيسة حياً مؤثراً فى جميع الأوساط.
- كانت للقديس حبيب جرجس رؤية أمينة متكاملة لا تتوقف عند بناء مدرسة أو تأسيس كنيسة أو خدمة.بل تمتد إلى ما هو قدام.رؤية لا تفتخر بما تم بل تجتهد فيما لم يتم بعد.يضع الصورة الكبرى فى ذهنه.مدرسة و منهج و مدرس كفء و ناظر يجيد الإمساك بأدوات نجاح الفكرة كلها..القديس حبيب سبق زمانه و وضع بذرة الإصلاح فى التعليم في كتابه موضوع المقال.كان القديس حبيب قائد للكنيسة بغير منصب يفكر لها و يرشد و يقود فى وقت كانت قيادة الكنيسة عاجزة. غيرة الرب أكلته فوضع فى قلبه إصلاح الكنيسة كى تتجاوب مع العصر دون أن تفقد الروح القدس.هذا هو المعنى الأدق للإصلاح.
- رأى أن الإصلاح لا يتحقق دون صلح.تتصالح جميع الأطراف.الشعب مع الرعاة و العكس.الكهنة مع المجالس الملية أى الإكليروس.تقاسم المسئوليات مع تقاسم الإمكانيات.الغيرة على كنيسة المسيح مهما كان حالها و عدم تركها للثعالب الصغيرة.,كانت رؤية الإصلاح مؤسسة على المحبة و التقدير المتبادلين.هكذا أساسيات كل إصلاح حتى للأفراد والعائلات.
- فى أيامه كان خلاف بين الرهبان و الشعب لأسباب مالية.كان خلاف بين المجلس الملى و البابا كيرلس الخامس حتى نفوه عن كرسيه.كانت الكنيسة متعثرة فارغة من الروحيات و التعليم و القيادة و الرعاية.كان المجلس الملى منفرد بقرارات الزواج و الطلاق فرشح نفسه و فاز بعضوية المجلس كي يكف يدهم عن التجاوزات فى زمن ضعفت الكنيسة و شلت يد قيادتها.كما ترى كان كتابه خلاصة دراسة شافية و رؤية ثاقبة لمتاعب الكنيسة و حلولها لتقويمها.دائما نحتاج اصلاح الكنيسة.التقويم إصلاح طالما كان بناءاً مؤسساً على كلمة الإنجيل و أحكامه بإرشاد روح الله.
- روح القديس الطيبة لم تكن تميل إلى التغيير بالإجبار و لا الميل إلى الإفراط .كان قلبه متزناً بين الغيرة و المحبة.
- كان قديساً وطنياً فى إصلاحه.حتى أنه دعا الشعب للإنضمام للأحزاب التي تتفق مع أفكاره.و إعتبر أن القبطي الحقيقي هو المخلص لوطنه المتعايش مع أخوته المسلمين .روح الوحدة تملكت القديس و كأنه يخاطبنا من كتابه اليوم.
- كان يعرف ثمن الإصلاح فذكر أمراً غريباً عن رافضى الإصلاح.إذ ذكر أن القديس أنبا كيرلس الرابع لما أنشأ مدرسة قبطية لأول مرة كان البعض من الأقباط يهيجون الضعفاء فإن وجدوا البابا واقفاً قدام عمارة الكنيسة رجموه بالحجارة؟ هل ترى أن إنغلاق الفكر ليس غريباً على مجتمعنا.هل تري أن قبول التطوير له ضريبة و غالباً يدفعها المصلحون.
-كانت عين القديس جميلة.ترى في كنيستها نسخة من الكنيسة الرسولية لم تتشوه رؤيته و هو يفكر فى الإصلاح.فعقيدة الكنيسة و طقوسها قدامه كعروس بلا شائبة.فالإصلاح عنده لا ينحرف إلى ما لا يحتاج إلى إصلاح.ليت الذين يتصدون لأى إصلاح لا تتشوه فى عيونهم كل الصورة.بل يدققون فقط فى شوائبها و يرممون الثغرات لا السياج كله.
- كان عنوان المحاورة الخامسة فى كتابه رسالة بذاتها.إذ كتبه هكذا: (الكنيسة نبع الإصلاح و زعامة الإكليروس).نبع الإصلاح لا ينضب.لا يشيخ.لا يجف.لا يتوقف.هذا ما يجب أن يعيه كل مسيحى أ.إن تجديد القلب للمسيحي يقابله تجديد الرؤية للإصلاح المتواصل للكنيسة.تقويم أوضاع الكنيسة و خدماتها و أفكارها الرعوية و علاقاتها بجميع الجهات فى المجتمع.كان يشجع الإكليروس على القيام بدوره و مسئولياته على ألا يتغول لا بالنفوذ و لا بالسلطة و لا بالمال على حق الآباء فى القيادة.
- غير أنه إعتبر أن الأب البطريرك زعيماً أو يجب أن يكون هكذا.و ربما ناسبت هذه الرؤية عصره لكننى لا أراها مناسبة فى عصرنا.فيكفي البطريرك أن يكون أباً و قائداً و راعياً فحسب.لأن الزعامة مفسدة للقلب.
-كان كتاب القديس ملئ بالكتابة عن رؤي تخصه أو تخص الأب البطريرك و ربما كان هو الكتاب الملهم للبابا شنودة فى كتابه إنطلاق الروح الذى حمل نفس السمات بين الروحانية و الإصلاح.هكذا ترى قديسنا اليوم مصلحاً لكنيسته.
- نحن قدام قديس معجزته فى أفكاره.قداسته فى إستنارته.غيرته فى خدمته.إيجابي الرؤية دوماً.يمتد إلى ما هو قدام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق