هذا المشهد من الحادث الذى أسفر عن إصابة 17 شخصًا- وفقًا لما سجّله طارق عمر، مدير نيابة حوادث جنوب القاهرة، بأوراق التحقيق، لدى سماعه لإفادة مأمور قسم شرطة روض الفرج، شارحًا: «الحالات كلها تم نقلها لمستشفيات الساحل العام، ومعهد ناصر، وشبرا العام.. الحمد لله يا أفندم مفيش وفيات».
لم يتخيل إسلام عبدالمنعم، الشاب العشرينى، الذى يقطن بمحاذاة شريط السكة الحديد، أن يقتحم القطار منزله: «بقالنا 50 سنة ساكنين فى البيت، والقطارات بتعدى علينا 24 ساعة، ومحصلتش ولا مرّة.. قطر جاى من أسوان دخل فى القطر واقف قدام بيتنا، ومقدمة القطار اقتحمته علينا».
كان «عبدالمنعم» يجلس فى صالة الشقة، وفجأة «سمعت هزّات قوية، قلت دا زلزال أو البيوت كلها بتقع»، وحين اتجه إلى المطبخ، حيث تعد شقيقته «علا» الطعام لأفراد الأسرة، وجدها مضرجة فى دمائها «كانت جدران المطبخ المطلة على الشارع ناحية السكك الحديدية تعلوها».
حمل شقيقته مهرولًا إلى الشارع، ناحية أحد المستشفيات الخاصة: «لقيت القطارين سادين الشارع وفى ناس كتيرة»، دقائق ووصلت سيارات إسعاف، إحداها نقلت «علا» لمستشفى حكومى، إذ تخضع للعلاج اللازم.
وبعد وصول اللواء كامل الوزير، وزير النقل والمواصلات، ومسؤولين من حى روض الفرج والمحافظة، وجد «عبدالمنعم» نفسه محاطًا بهم، صاح فيهم: «بيتنا القطار دخل فيه، أختى بين الحياة والموت»، أحدهم رد عليه: «كلنا هنموت»، وجد الشاب الكلمة ليست مناسبة «بعد ما نقلت أختى المستشفى، وقفت مع الناس نطلع الركاب من القطار، لنقلهم للمستشفيات»، مرددًا: «يكون دا جزائى ومسؤول يقول لىّ: «بيتكم مخالف».
«الوزير» الذى بدا عليه الغضب، لم يدل بأى تصريحات صحفية، وصاح بأحد المصورين، بسبب فلاشات الكاميرا، اكتفى فقط بتفقد موقع الحادث، محاطًا بالحرس الشخصى، وأحدهم يمشى خلفه ممسكًا بـ«مظلة» اتقاءً لمياه الأمطار، ثم غادر موقع الحادث فى صمت، محاطًا بفليف من الأهالى، يثنون عليه، ويمدحون ما وصفوه بـ«دوره البطولى»، وقالوا إنه لولاه لحدثت كارثة وأصبح المصابون أشلاء. فى موقع الحادث، سيد عبدالفتاح، أحد الأهالى، يقف بالشارع يتفقد أحوال الجو والأمطار، فهو أول من شاهد اصطدام القطارين، فتحرك بـ«صاروخ» كهربائى لتقطيع عربة القطار المحملة بالركاب، لإخراج الناس من بين حديدها المتشابك: «طلعت لوحدى 12 مصابًا من عربة القطار الأولى.. من بين المصابين أمين شرطة حالته خطرة قد تستدعى بتر إحدى قدميه، وسيدة عجوز أنقذتها من موت محقق بعدما انحشر جسدها بعربة القطار المقلوبة.. بسرعة جبت الصاروخ وقطعت أجزاء حديدية كانت عالقة بجسدها».
«كانت عيناها تلاحقنى، ويداها ترتب على يدى فى وهن».. يصف «عبدالفتاح»، حال السيدة العجوز، حين أنزلها إلى سيارة ملاكى، توجهت بها إلى المستشفى، «الست كانت عاوزة تقول لىّ: شكرًا أنقذت حياتى.. كان فيه برضو أطفال ونساء، ربنا يستر عليهم».
من جهتها، عاينت النيابة موقع الحادث، وقررت التحفظ على جهاز السرعات «إيه تى سى» وطلبت استدعاء السائقين للتحقيق.