نادى حنا يكتب :
الجزء الاول
سعيد
ألقت به الأقدار بمحطة السكة الحديد ، بالقاهرة الكبرى.
يحاول مساعدة الركاب ، بحمل حقائبهم من الرصيف حتى موقف التاكسى ، أو موقف الباصات ..
لم يكمل سعيد عامه الخامس .
لم يكن يملك شيئاً ، لم يكن يملك حتى ثمناً لرغيف الخبز.
فلم يكن قد وصل من العمر ، أو القوة ، ما يؤهله ، لحمل حقائب المسافرين ، أو القادمين عبر القطار .
كان يتحايل على بعض المسافرين الذين يحملون حقائب صغيرة .
كان القليل جداً من المسافرين يسمحون له بمساعدتهم .
ربما رغبة منهم لمساعدة الطفل الصغير ، لمجابهة الحياة القاسية .
ومنهم من كان يستغله ، يعطيه الحقائب ليحملها ، ويرفض أن يعطيه مقابل .
ليس لسعيد مأوى ، سوى محطة القطار ، لينام بعد عناء يوماً كاملاً ، يبدأ الساعة الرابعة صباحاً وحتى الحادية عشر مساءاً .
بعض الأيام تمر بلا عمل ولا يسمح له أحد بالمساعدة ، ولم يحصل على أى أموال .
يقضى بعض الأيام بلا طعام ، بينما ينال ما يكفى من الإهانات والضرب ، من الشباب والرجال الذين يعملون بنفس المهنة على رصيف المحطة .
أحياناً يتعرض لاعتداءات مختلفة ، منها الجنسى ، واللفظى ، .....
من المسافرين من ينظر اليه بشفقة ، ومنهم من ينظر بسخرية ، ومنهم من يكيل اللوم لوالديه .
يفترش الأرض ، ويلتحف السماء ، بملابسه الممزقة .
فى حرارة الصيف الشديدة ، وبرد الشتاء القارس .
لا يريد شيئاً ، سوى أن يسد احتياج جسده الصغير النحيف ، من الطعام فقط .
كثيراً كان يذهب بعيداً ليبكى .
لماذا أنا بهذا الشكل ؟؟؟؟؟؟؟
لماذا لا يوجد أحد بجانبى ؟؟؟؟؟؟
من أكون ؟؟؟؟؟؟؟
أين والدى ووالدتى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يبكى كثيراً ، دون أن يدرى أحد شيئاً ، عن غيابه أو حضوره .
لا يسأل عنه أحد .
بعض الليالى يبكى ، حتى النوم بمكانه ،
يرى الأطفال مثله يهبطون من القطار متمسكين بأيدى أحد والديهم ، فتنهمر الدموع من عينيه دون أن يدرى .
يتساءل .
هل ستستمر حياتى هكذا ؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟
أم سيكون هناك مخرج ؟؟؟؟؟؟
يجلس سعيد بجانب الحائط .
بجوار شباك التذاكر .
أثناء مغادرة الأستاذ عادل ،، المسؤول عن حجز تذاكر القطار للمسافرين .
فيعلم الأستاذ عادل بأن الطفل سعيد لم يحصل على أى أموال فيخرج الأستاذ عادل من جيبه بعض المال ، ويعطى سعيد قائلاً .
اشترى لنفسك بعض الطعام ، من المطعم المجاور للمحطة..
ثم يذهب لصاحب المطعم ، ليطلب منه أن يعطى سعيد كل ما يطلبه ، وسوف يحاسبه فى اليوم التالى .
كان سعيد يعلم ذلك ، ولكن لصغر سنه ، لا يعلم ماذا يفعل
فهل ستتغير حياة الطفل سعيد هكذا ؟؟؟؟؟؟
هل ستحدث مفاجئات ؟؟؟؟؟؟
هذا ما سنعرفه فى الجزء الثانى من رواية ( الحمال )
الجزء الثانى
سعدية الشوافة
سيدة عجوز تعمل شحاتة بمحطة القطار .
لم تتزوج طيلة حياتها ، وبالتالى لم تتمتع بعاطفة الأمومة .
تمارس عملها اليومى .
عند تجولها بمخزن القطارات ، والورشة الملحقة به ، سمعت سعدية صوت طفل حديث الولادة ، بأحد صناديق القمامة .
اقتربت منه ، وجدت طفل جميل الشكل .
لم يتجاوز عمره ساعات أو ربما أيام قليلة .
فرحت به كثيراً .
لسببين .
أولهما ترضى غريزة الأمومة ، التى لم تمارسها .
وثانيهما ستتمكن من الشحاتة ، وسوف يعطف عليها المانحين .
ولكن الطفل يبدو عليه ، أنه من أسرة ثرية جداً .
الملابس الموضوع بها الطفل من الحرير النقى .
ربما يتجاوز ثمن الملابس الف جنيه .
كما أنها لم تعرف بماذا تناديه .
أخيراً قالت ، أسميه سعيد لأنه يسعدنى .
خافت سعدية ، قررت أن تقوم بحرق الملابس ، وتضعه بملابس قديمة وممزقة .
تحمل الطفل فى الصباح ، وتمارس عملها المعتاد .
حتى المساء ، تقوم باحتضان الطفل ، لتحميه من البرد .
أشار الشاتين على سعديه ان تقفأ عين الطفل أو تقطع له يد أو قدم لتستدر عطف المانحين ، لكنها رفضت بكل إصرار .
أحبت الطفل كثيراً جداً .
فى أحد الأيام .
تأخرت سعدية ، أراد أصدقاؤها إيقاظها ، لم تستجيب .
ماتت سعدية الشوافة .
الطفل لايزال صغيراً ..
تجاوز عامه الثالث بعدة أيام .
تم إتبلاغ ناظر المحطة ، الذى أبلغ الشرطة .
تم دفنها بمدافن الصدقة ( مدافن مخصصة لمن ليس لهم أهل ) ..
بينما الطفل ، أخذته ، فتاة من الفتياة اللائى يقمن ببيع مناديل الورق بالقطارات ..
قام الأستاذ عادل بائع التذاكر بالمحطة ، بتهديد الفتاة ، ليجبرها على تسليم الطفل للشرطة ، أو أى دار لرعاية الأطفال الأيتام .
أخذت تسيل من عينيها دموع التماسيح ، وترجوه ان يتركها تقوم بتربية الطفل ،
بينما هى كانت قد عقدت العزم على قطع ذراع الطفل ، وتقوم باستخدامه فى الشحاتة .
وضعت الطفل بأحد القطارات المعطلة بالمخزن ، وذهبت لتحضر الأداة التى ستستخدمها .
أحضرت بالفعل السكين .
أخذت٦ تفكر بأن الطفل صغير .
تلك هى المرة الأولى لتفعل هذا الفعل .
ربما يقوم الأستاذ عادل بالإبلاغ عنها .
وفيما هى تفكر ، تعثرت قدماها فى رصيف الشارع ، وسقطت على الأرض ، عند سقوطها كانت السكين بوضع رأسى .
أصابتها السكين بالقلب لتموت فى الحال .
القدر ينقذ سعيد للمرة الثانية .
بدأ عادل يعتنى بالطفل ، فكان يشترى له الطعام ، كلما وجده .
لم يستطيع الأستاذ عادل أن يصطحب الطفل للمنزل ، لأن عادل لديه خمسة أطفال . هم أولاده ...
بدأ الطفل يحاول أن يجد لنفسه طريقةً ، لكسب لقمة عيشه ، فى المكان الوحيد الذى لم يرى غيره ، وهو محطة القطارات ، ويحاول حمل الحقائب للمسافرين .
ولكن لم يوافق أى مسافر ، أن يعطيه حقائبه ليحملها .
نظراً لصغر سنه .
كان بعض المسافرين يعطونه القليل من الأموال ، على سبيل الصدقة ، والبعض الآخر يستغله بدون مقابل ...
كان الطفل يتأذى من ذلك ، لكن لا سبيل أمامه غير الموافقة والصبر من أجل الحياة ..
ماذا يخبئ القدر أيضاً لسعيد ؟؟؟؟؟
هل سيعرف من يكون ؟؟؟؟؟؟
( الحمال )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق